ديالكتيك الهوية العقدية في العراق وسبل ترسيخها

المؤلفون

الكلمات المفتاحية:

الديالكتيك/ الهوية العقدية / العراق

الملخص

ملخص البحث:- إنَّ دِيالكتيك الهوية والانتماء يُطرح من بين القضايا السّاخنة في المجتمع العربي عمومًا والعراقي على وجه التحديد، وتتداخل حدود هذه القضية مع منظومة القضايا الفكرية والاجتماعية الحيوية داخل كلّ مجتمع. ذلك أن الهوية العقدية تشكل بناءً ديناميكيا وعلائقيا مركبا يتشكل في سياقها الوعي أو يعاد بناؤه وهو في الوقت نفسه حصيلة ديالكتيك يتم على ارضة المغايرة لذلك تبدو الهوية العقدية بالتالي متعددة الارتباطات ومتنوعة الابعاد تكتسب في الواقع ابعادا رمزية كما تكتسب وضعيات عملانية تعبر عن نفسها . وقد ارتكز البحث على محورين . اظهر المحور الاول الذي وسم ب( الهوية العقدية وظهور الاخر في صياغة الأنا ) أن الاختلاف هو أساس وعيّ الهُوية ونموها؛ ذلك أنَّ الاختلاف ليس تعارضًا بين نقيضين انما هو حركة انتقال، والاختلاف بين الوجود والموجود، وإنَّ الهُوية لا تتمتع الا بوجود ظاهري مفتعل ، هي فعل النسق الذي يحمل المخالف نحو المخالف بفعلِ الاختلاف، فالهُوية لا تعرف ما هيتها إلا بوساطة الآخر فهو الذي يضيف بترسباته الغيرية سواء على الصعيد الاجتماعي، أو الثقافي، او العقدي وحتى السياسي كيانها الخاص المتجذر بها، وهي تظهر للوجود بوساطة شخصانية الفرد الذي يقوم بالحفاظ على ما هيته مع الاعتراف بالآخر والآخر هو المختلف في الجنس والانتماء الديني والعرقيّ، ومن خلاله تبدو ملامح الهُوية أكثر وضوحا وذات ابعاد مركبة، ذلك أن الانغلاق لا يولد هذا الانتماء، وان كان يحفزه سلبا نحو تقوقع التعصب المفرغ من الحوار مع الآخر وثقافة الحضارات وهذا يعني أن الهوية تتحدد بوساطة تصالح النقائض العسيرة داخل ماهيتها، بحيث يتعذر أن يوجد الاندماج دون الاختلاف، والوحدة من دون ثنائية. والشعب العراقي منقسم على نفسه أكثر من أي شعب آخر فهو متعدد الأعراق ، والأديان والمذاهب، وأن تعددية مكوناته وليدة الجغرافية والتاريخ وليست لعنة أو سبة، بل هي مدعاة للفخر والتآخي والوحدة في بوتقة الوحدة الوطنية والولاء للوطن، واثراء المجتمع لو أحسن التعامل مع هذه التعددية بعقلانية وعدالة؛ وهذا لن يحدث إلا إذا تعاملت الدولة العراقية مع جميع مكونات المجتمع بالتساوي في الحقوق والواجبات، لتشعرهم بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى ، وليسوا على درجات متفاوتة. فالصراعات بين مكونات الشعب العراقي على مدى عقود طويلة هو نتيجة التمييز بين فئاته واستثار فئة معينة بالسلطة والنفوذ والثروات. فيما ناقش المحور الثاني مصادر الهوية العقدية وثقافة الاخضاع السياسي ، من منطلق أن العقائد وآراء الجماهير تنشأ في كل مجتمع، ولا سيما ذلك المجتمع الذي ينماز بتنوعه الثقافي نتيجة عوامل مباشرة ، واخرى غير مباشرة ، أما العوامل المباشرة فتتمثل بالصور والكلمات اي الشعارات التي تمتلك قوة سحرية ترتبط بالصور التي تثيرها في نفوس الجماهير وتستقل تماما عن معناها الحقيقي. كما تعد التجربة من العوامل المهمة والفاعلة في ترسيخ حقيقة ما في نفوس الجماهير ، فضلا عن العقل الذي في تعداد العوامل القادرة على التأثير على روح الجماهير، حيث تستطيع العقول المنطقية بحججها المنطقية من اقناع الجماهير وتقبل فكر ما. أما العوامل غير المباشرة فتتمثل بالعرق والتأثير المسيطر الذي يمارسه، وهو يمثل الاقتراحات التحريضية للأسلاف، والتقاليد التي تجسد خلاصة روح الفكر، وأهميتها الاجتماعية الكبيرة ، فضلا عن الزمن الذي يقوم بالتهيئة لترسيخ العقائد في أذهان الجماهير، فيما تمارس المؤسسات السياسية والاجتماعية والتعليمية دورا رئيسا في التكوين الذهني للجماهير. والرصد التاريخي يكشف لنا أن الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921العام الذي اختلط فيه الوعي الجديد بالوعي القديم أُديرت من قبل أقلية تقليدية طائفية وبدعم وتخطيط من بريطانيا في الاستمرار على سياسة الامبراطورية العثمانية في التفرقة الطائفية والعرقية خلال أربعة قرون من حكمها الجائر للعراق. ضد مكونات الشعب العراقي واستئثار مكون واحد بالسلطة والقوات العسكرية المسلحة، وبالنفوذ والامتيازات، ولتنفيذ هذه السياسة والحفاظ على سلطتها، لابد أن تلجأ الفئة الحاكمة المتمذهبة إلى ممارسة الظلم والاكراه لإخضاع المكونات الاخرى لإرادتها بالقوة ولعله السبب الرئيسي وراء جميع مشاكل المجتمع العراقي؛ الا وهو التميز الطائفي والعرقي ، والذي أدى بدوره إلى انهيار الدولة العراقية عام( 2003) حيث توتر العلاقة بين الهوية والغيرية، ورغبة (الهو) البارزة في الهُوية على الازاحة والمجاوزة لقيم الغير الكامنة في أعماقها، إذ تنجو في الغالب صوب إنكارها، على الرغم من أنها تدل في الواقع على الغياب وحضور الغيرية في اثناء الذات. وهنا تكمن معضلة الهوية فضلا عن التعدد والتمزق ، ومعاناة الخصوصيات وأزمات هويتها التي ترسخ مفهوم الهوية الممزقة وانعدام الهوية الوطنية المشبعة بوطنيتها، فضلا عن التشبث الجزئي بالهوية فعندما يبني الفرد بناءً ثقافيا يأخذ جزءًا من بقايا هويته التي لا يزال يحتفظ بها، وجزءً آخر لا يعبر عن هويته، وربما يعود ذلك لقيام الفرد بتحديدات ذاتية في ما هو متحول وما هو ثابت في الهوية أو أنه انغمس في الثقافة الكونية ولكن بشكل جزئي، فضلا عن عامل ترسيخ الهوية القومية الواحدة، الذي قامت به السلطة الشمولية البعثية قبل عام 2003 في بلد متعدد القوميات تحت وحدة سياسية ثقافية شكلية ووهمية مفروضة قسريًا، اذ حرص نظام صدام الشمولي على صناعة اسطورة مميزة للهُوية العراقية بعد ان وزع السلطة بشكل دقيق وضيق ضمن دوائر محسوبة وفي حين كانت تشكل الدائرة الاضيق المقربة من صدام عائلية ثم قبلية ثم حزبية بحسب الترتيب وكانت الاجهزة الامنية خاصة الرئيسية منها ميدانا للهيمنة السُّنية وكانت هذه الالية في توزيع السلطة هو الضامن الوحيد لبقاء السلطة واستمراريتها بالنظر لحجم الانقسامات الطائفية والقومية والايدلوجية في المجتمع العراقي، وفي الوقت نفسه حرصت الالة الدعائية لنظام صدام على رسم تسلسل للقيادات العراقية تبدا من نبوخذ نصر البابلي الى الخلفاء العباسيين وصدام حسين نفسه وهكذا تحول نظام صدام واجهزته الاعلامية والامنية الى اجهزه صانعة للهُوية العراقية الجديدة القائمة على التاريخ والقائد الضرورة، في الوقت الذي حرص فيه على قمع كل معارضة شيعية ،وشيوعية بكل دموية خلفت توتر العلاقة بينه وبين شرائح المجتمع. حتى اصبحت هذه الهُوية هي المهيمنة وهذا ما أحدث خللا في الانتماء الشخصي للعراقي اذ كرس هذا الخطاب القومي دكتاتورية الرأي الواحد وسياسة التهميش للهُويات الفرعية والعَقَدية على وجه التحديد، ومصادرة الحريات وتقييد الاختلافات، مما ادى فيما بعد التغيير عام 2003 الى غياب التأكيد على الهوية القومية وانسحابه والتأكيد على الهوية المذهبية والطائفية والدين، والحزب، والعشيرة حتى اضحى العراق ينادي بالانتماء الطائفي. هدف البحث الى تسليط الضوء على أن الهوية العَقَدّية هي فاعل مساهم وفعال في دعم الهُوية الوطنية، لان هذه الاخيرة لا توجد الا بوجود ايمان بين اعضائها على انهم امة بالفعل ولهم وطن ويترتب عليهم التزامات تجاه بعضهم بعض اولا وتجاه وطنهم بمؤسساته المختلفة ثانيا. فالمسألة تتعلق بتلك الثقافة التي تحافظ على السلم وتعترف بالتنوع الفكري واللغوي والاثني. الاستنتاجات والمقترحات والتوصيات التي يطرحها البحث 1- إنَّ محاولة تسيّد الهويات الكبرى على الهويات الصغرى أو العقدية، من منطلق التفوق أو ادعاء الأفضلية أو الغلبة العددية، نتجت عنه ردود فعل سلبية تمثلت برفض التعايش والعزلة أو القطيعة ، مع ما ينجم عن ذلك من تشويه لمفهوم التنوع. لذا لا بد من الدولة أن تعمل على ابعاد الثقافة التقليدية المتوارثة عن مركز الصدارة ، وإعطاء ثقافات الاقليات أهمية موازية لدورها في تشكيل الهوية الوطنية، فضلا احترام وحماية ثقافات الاقليات والتمسك بها ، بدلا من التشجيع على ذوبانها وتلاشيها مع مرور الزمن. وتشريع ما ينبغي تشريع من قوانين ذات علاقة بحماية السلم المجتمعي ولاسيما فيما يتعلق بالمسائل الحساسة مثل جرائم الكراهية والتجاوز على الاراضي أو تغيير ديمغرافية مناطق الاقليات. وتضمين الدستور العراقي مصطلح التمييز الايجابي بشكل واضح مع التأكيد على ضرورة تطبيقه فيما يخص حقوق الهويات الصغرى. ومن جانب آخر إَّن اعطاء الهوية العَقدية مساحتها داخل الدولة يتطلب الاعتراف على المستوى الاجتماعي بما يعزز القبول الشعبي الشروع بإزالة طبقات من الأحكام المسبقة والأفكار الخاطئة ، فالجهل بالمسيحيين على سبيل المثال وبقية الاقليات الدينية والإثنية واستمرار الصورة النمطية وتشويه الآخر يستعمل مبررا للتميز ضدهم واستهدافهم وانتهاك حقوقهم ، وسلبهم إنسانيتهم.

The hypothesis of the research tends to reveal the dialect of nodal identity as a decisive factor in the process of building the state and its stability since its establishment until the present time, especially since Iraq is one of the societies that consist of ethnic, religious or cultural groups that have not reached the level of integrating these sub-affiliations in order to Reaching a common and public identity that takes on the interests of these groups with their cultural, ethnic and religious affiliations. And based on specific questions: Is the state’s adoption of a model based on nationalism the main source of the ethnic and religious identity crises that have emerged since the establishment of the Iraqi Republic until the present day? Does the common identity mean the removal or marginalization of sub-affiliations? Is there really an identity crisis? Or is it a crisis at the origin of the political meeting of the Iraqis, what is a crisis of existence at all? The research division is divided into three axes; The first examines: the nodal identity and the presence of the other in the formulation of the ego. The second axis discusses: the sources of nodal identity and political subjugation ,it deals with the saying about the ideological identity and the culture of political subjugation. The research concluded that the identity problem in general, and the dogmatic in particular, is due to the disagreement and not the difference that is rooted in the weakness of social awareness from within, that is, from the self-first, and from the other second, although the separation between them is always arbitrary, due to the existence of a dialectical relationship between them. In addition to the hateful sectarian and ethnic distinction, which was a dangerous mine that was laid with the cornerstone of building the modern Iraqi state in 1921, where the Iraqi founders, with the support and planning of Britain, insisted on continuing the Ottoman Empire’s policy of sectarian and ethnic discrimination during four centuries of its unjust rule of Iraq against components The Iraqi people and the monopoly of one component of power, influence and privileges.

منشور

2024-08-03