التطور التاريخي في السياسة التنموية للإمام علي - عليه السلام- في ضوء نهج البلاغة

الملخص

    نسعى في هذا البحث إلى تحليل التطور التاريخي للسياسة التنموية للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما تتبدى في نصوص "نهج البلاغة"، ورصد مدى تأثر هذه السياسة بالتحولات والمتغيرات التي شهدها عصره، اعتمد البحث على المنهج التاريخي التحليلي ومنهج تحليل المحتوى، من خلال دراسة الخطب والرسائل والحِكَم المنسوبة للإمام في "نهج البلاغة" وتصنيفها ضمن مراحل تاريخية رئيسية: مرحلة ما قبل الخلافة، ومرحلة بداية الخلافة وتأسيس الدولة، ومرحلة الصراعات الداخلية وإدارة الأزمات، وقد خلص البحث إلى أن السياسة التنموية للإمام علي (عليه السلام) تميزت بالثبات على مبادئ جوهرية مستمدة من الإسلام، كالعدل بمفهومه الشامل، وإحقاق الحقوق، والمسؤولية، ورعاية مصالح الرعية، ومحاربة الفساد. وفي الوقت ذاته، أظهرت هذه السياسة تطوراً وتكيفاً واضحاً في الأولويات، ودرجة التفصيل، واللغة المستخدمة، وآليات التطبيق، استجابةً لطبيعة دوره المتغير (من مستشار إلى حاكم) وللتحديات المستجدة في كل مرحلة، فانتقلت سياسته التنموية من التركيز على طرح المبادئ العامة والنصح في فترة ما قبل الخلافة، إلى صياغة وتطبيق سياسات إدارية ومالية وأمنية مفصلة وعملية عند توليه الخلافة، خاصة خلال فترة الصراعات الداخلية. وقد برزت في هذه المرحلة قدرته الفائقة على الموازنة بين متطلبات إدارة الدولة في السلم والحرب، وبين الحفاظ على أسس التنمية العادلة، كما يتجلى بوضوح في وثائق إدارية ناضجة كعهده لمالك الأشتر.